الدمع العصي من الانهيار على الوجنتين حين تداولنا "أثر الفراشة"، الإنتاج الأخير لمحمود درويش. كان الجو العام الذي تركته النصوص في هذا الكتاب وكأن شاعرنا محمود درويش ؛ بوصلة احساسنا الوطني ؛ يرثي نفسه وبذلك يرثي قضيتنا الفلسطينية ويدخل حقبة جديدة من اليأس بعد أن زرع فينا في ديوانه "أحد عشر كوكبا" "لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا، والنهاية تمشي إلى السور واثقة من خطاها فوق هذا البلاط المبلل بالدمع... ".
هو محمود درويش اللاجئ الفلسطيني الطفل ابن السابعة الذي هُجِّر من قريته البروة إثر معركتين الأولى حين نزح أهله بعد معارك مع القوات الصهيونية والثانية بعد أن استعاد أهله القرية بقوة سلاحهم عادت القوات الصهيونية لتدحرهم فيُهجَّر مع ابيه وجدِّه الى لبنان ليعود كالمتسلل الى وطنه ويشب ليكون شاعر اللاجئين الفلسطينيين شاعر الشعب الفلسطيني الذي عاش ويعيش قضيتنا ويعبر عنها منذ المخاض الأول في كل تفاصيل عذاباتنا وآلامنا وأحزاننا وأتراحنا وآمالنا ورؤيتنا وتفاؤلنا ورؤية البصيص من الإمكانيات لتمكين اللاجئين المنفيين للرجوع إلى وطنهم.
وعندما يرثي محمود درويش نفسه لا يتبقى لنا نحن إلا أن "نتحسس أعضاءنا لنطمئن" على أن لا نزول وقضيتنا. وعلينا أن نعد دقات قلبنا لنطمئن أن بإمكاننا تحمل رؤية "أثر فراشتنا الذي لا يُرى ولا يزول" في "انتصار الخيالي الخفيف على فساد الواقعي"(على محطة قطار سقط عن الخريطة).