ويحتوي العنب على مركبات فلافونويد، وهي مواد كيميائية مضادة للأكسدة تُعطي العنب لونه البنفسجي وموجودة بكثرة في قشرة حبة العنب. وكلما زاد غُمق اللون زاد تركيزها. هذه المركبات وغيرها تعمل علي عدة جهات لخفض احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين بالأصل أو تخفيف حدة تداعياتها حين وجودها لدى المرضى.
وتتمثل الآليات في زيادة إنتاج أوكسيد النتريك كما تقدم، والرفع بنسبة تصل إلى 50في من فاعلية فيتامين إي E في منع حصول أكسدة الكولسترول الخفيف، وكذلك تخفيف احتمالات ترسب الصفائح الدموية platelet aggregation على بعضها البعض وتجلط مكونات الدم داخل الشرايين، وتقليل حدة التسارع الحصول لعمليات أكسدة الكولسترول الخفيف وترسيخ ترسيبه داخل جدران الأوعية الدموية الشريانية LDL cholesterol oxidation، و تعطيل تكوين أحد البروتينات التي تعمل على انقباض الشرايين التاجية endothelin-1. هذه هي التأثيرات المشهورة المفيدة للعنب علي صحة القلب. لكن الباحثين بدأوا يتعمقون أكثر في الدراسة لمكونات العنب. ومما هو ملاحظ في الثلاث سنوات الماضية الحديث عن عمل مركب ريسفيرترول Resveratrol على المستوى الجيني للوقاية من تكوين مركبات كيميائية ضارة على الشرايين وأيضاً في التأثير الصحي المباشر على خلايا عضلات القلب نفسها. وهو أحد مركبات فلافونويد في العنب، التي تعمل علي نفس طريقة أدوية مثبطات تحول أنزيم أنجيوتنسين 2 angiotensin II، و التي تستخدم شريحة واسعة جداً من مرضى القلب و ارتفاع ضغط الدم هذه الأدوية. ولا تعمل على خفض ضغط الدم فحسب بل على مستوى الحفاظ علي بنية صحيحة لعضلة القلب خالية من الترسبات التي تعيق قوة انقباضها وسهولة ارتخائها، ما يعني رفع قدرات الضخ لعضلة القلب و تخفيف حدة التضخم لها. كما أن الحديث العلمي اليوم هو عن دور مركب ريسفيرترول، و دوره في تحسين تدفق الدم، و تناغم حصوله، إلي الدماغ. و كانت مجلة كيمياء الغذاء و الزراعة الأميركية قد نشرت في أبريل من العام الماضي نتائج تُؤكد دور تناول هذه المادة الموجودة في العنب و في الفول السوداني علي خفض نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تتجاوز 30%. وكانت مجلة التغذية الأميركية قد نشرت في أغسطس من عام 2005 نتائج دراسة مدى استفادة النساء من تناول عصير العنب و ليس النبيذ تحديداً كما قال الباحثون. و قالوا بأن تناول مطحون الزبيب المجفف بكمية 36 غراما يومياً الممزوج بالماء، لمدة أربع أسابيع، هو أمر له فوائد جمة، علي حد وصفهم، للقلب لدى النساء الذين أعمارهم تقارب أو تتجاوز سن اليأس.و شملت العناصر الإيجابية خفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار، و خفض نسبة الدهون الثلاثية في الدم، و خفض نسبة مركبين كيميائيين يعملان علي تسهيل تضرر الشرايين بالكولسترول. و ذكروا مجموعة من المواد الكيميائية التي تتسبب بهذه التأثيرات الإيجابية و الموجودة في العنب. لكنهم أكدوا علي أن أهم التأثيرات في مجال الكولسترول هي التي تنتج عن مركب ريسفيرترول.
* النبيذ أم عصير العنب بكلام علمي مجرد، لا يُوجد من الهيئات العلمية المعنية بصحة القلب أو الأطباء الباحثين في هذا المضمار منْ ينصح بتناول نبيذ العنب ابتغاء صحة للقلب. بل هم ينصحون بعصير العنب الطبيعي ويُؤكدون أن المواد التي فيه هي أفضل بمراحل من النبيذ. وأن تناول العصير الطبيعي للعنب، فوق أن يُقدم ما يحتاجه القلب لصحته، فإنه يخلو من الكحول الضار جملة و تفصيلاً. وعددوا الآثار الضارة للكحول من ارتفاع نسبة الحوادث ومشاكل الكبد وارتفاع ضغط الدم و اضطرابات نبض القلب وحالات الصداع المصاحبة لشرب النبيذ، إضافة إلى تأكيدهم احتواء قوارير النبيذ علي مركبات مُضافة ضارة لا تذكر عادة على ملصقاتها التعريفية، مثل أكسيد الكبريت. هذا بالإضافة إلي تأثيراته على الحوامل وأجنتهن.
و كانت مجلة المنتجات الطبيعية الأميركية قد أشارت في عدد نوفمبر 2004 الى أن المركبات المضادة للأكسدة هي أعلى في العصير الطبيعي مقارنة بالنبيذ.
وما يُقال عن غنى النبيذ بمركب ريسفيرترول مقارنة بالعصير الطبيعي للعنب، فإن مصادر علم التغذية تُؤكد أن قدرة الأمعاء على امتصاصها ضئيلة. وهو ما تم لهم دراسته والتأكد منه عبر فحصهم لنشاط أحد الأنزيمات المتسببة بعملية الالتهاب، وهو أنزيم كوكس ـ 1 COX-1. إذْ تبين أن ما تمتصه الأمعاء من مركب ريسفيرترول عند شرب النبيذ لا يكفي لتعطيل عمل هذا الأنزيم ، بينما ما تمتصه الأمعاء من المواد المضادة للأكسدة عند شرب عصير العنب كفيلة بتحقق المُراد. لكن مع التنبه إلى أن على المقارنة أن تأخذ بعين الاعتبار كمية الماء في عصير العنب، ولذا فكأس من النبيذ يُعادل 3 أكواب من عصير العنب الطبيعي. هذا بالإضافة إلي دراسة نشرتها المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية في عدد يناير 2004، و التي أكدت أن شرب النبيذ المنزوع و الخالي من الكحول أبلغ أثراً وأكثر فائدة من النبيذ المحتوي على الكحول، وذلك في المحافظة علي صحة القلب و منع نشوء تصلب الشرايين.