من الواقع

لا أدري أين الحكمه في مثل هذه القصه تحديدا ، لكن الأمور

قد لا تبدو كما نراها في ظاهرها ، فهناك مانجهله و سيظهر

لنا حتما عندما نلجأ الى التدقيق في رؤيا ماحولنا..

.
.

الحادثه على لسان أحد الشباب الذي سبق و أن ابتعثوا للولايات

المتحده الأمريكيه للدراسه..


في أحد العطلات الأسبوعيه قررت أنا و صديقي المقرب مني أن

نقوم بجولة خارج المدينة التي نقيم فيها من باب التغيير و تجديد

النشاط..

قمنا بإعداد كل شيء و إنطلقنا بسيارتنا الخاصه معتمدين على الله

ثم على ماحصلنا عليه من خرائط توضح الطرق التي سنسلكها..


مضت اليوم الأول للرحله على مايرام و دون أن نواجه أي نوع من

المشاكل الا إن اليوم التالي و في طريق عودتنا لم يكن كذلك..


تعطلت السياره في منطقه شبه نائيه و لا نملك أي وسيلة من وسائل

الإتصال حيث لم تكن قد توفرت الإتصالات اللاسلكيه في ذلك الوقت..


بقينا لبعض الوقت ننتظر أن يمر بنا أحد العابرين مع ذلك الطريق

لكن ذلك لم يحدث..

و إنتهى الأمر على الإتفاق مابيني و بين صديقي على أن نذهب

الى مزرعة كنا نشاهد لمسافة عنا..

أخذنا مايهمنا من السياره و إنطلقنا سيرا على الأقدام نحو تلك

المزرعه و التي نجهل حقيقة ماينتظرنا فيها لكن الأمل كان بالله

أن ييسر لنا مخرجا مما نحن فيه..

غربت الشمس قبل أن نصل و أخذ التعب منا ماأخذ في الطريق

الا إننا ملزمين بإيجاد حل لمشكلتنا..

وصلنا في النهايه لمنزل كبير يتوسط تلك المزرعه ، و كان هناك

رجل لم نستطع إستيضاح ملامحه غير أنه كان كبيرا في السن

يجلس وحيدا أمام المنزل على كرسي هزاز..


ألقينا عليه التحيه بهدوء لكنه لم يرد علينا و إكتفى بالنظر إلينا

للحظات ثم تابع تأرجحه على كرسيه متجاهلا وجودنا..


تبادلنا نظرات التعجب أنا و صديقي من هذا الرجل و تصرفه

الغريب ، و عدنا لما يفرضه علينا هذا الوضع الذي نحن فيه

و ضرورة إستغلال أقل الفرص لإيجاد أي من الحلول..


تحدثت الى الرجل بإسلوب حاولت بكل ماأملك من طاقه أن يكون

لبقا رغم لغتي الإنجليزيه الضعيفه و حاولت أن أشرح له مشكلتنا

و حاجتنا الى إجراء إتصال لطلب المساعده ، لكن الرجل تجاهلني

تماما و كأنه لم يسمع أي كلمة مما قلت..


عدت الى النظر الى صديقي و انا أتساءل لماذا يعاملنا بهذه الطريقه

و لماذا لا يرد؟؟

علق صديقي بأنه ربما كان لا يسمع أو أنه يعاني من مرض نفسي

يجعله في تلك الحاله..


وقفنا غير بعيدين عن ذلك الرجل نتشاور أنا و صديقي و ماذا يمكننا

أن نفعل الآن أن تركنا سيارتنا هناك..

قال لي صاحبي ليس لنا الا أن نعود الا الى سيارتنا و ننتظر صباح الغد

لعلنا نجد من يساعدنا من عابري الطريق..

و عندما إستدرنا لبداية رحلة العوده الى السياره سمعنا صوت ذلك

الرجل يتحدث إلينا بطريقة أوقفت الدم بعروقنا في ظل المفاجأه حيث

قال / أقول يالربع ، وين تبون ، غديكم تمرحون الليله و من اصبح

أفلح..

وقفنا بذهول مابين أن نصدق ماسمعنا أو أن نقول ذلك مما أصابنا

من إجهاد و تحطم لآمالنا..

و عدنا نطالع للرجل في صمت ننتظر أن يكون مايؤكد أو ينفي ماسمعناه

و الذي تابع / وشبكم وقفتوا تقول مصلوبين ، تعالوا..


لم يعد الأمر الآن بحاجه الى المراجعه ، نعم نحن على بعد آلاف الأميال

من السعوديه لكننا أمام ماسمعناه من هذا الرجل نكاد أن نكون في أحد

ربوعها..

عدنا مجددا و ألقينا السلام و كان للرجل موقف آخر هذه المره حيث

إستقبلنا و إحتفى بنا و قام بواجبنا و أكثر و عندما سألناه عن سر

موقفه الأول قال / قلت أبشوف وش عندكم و وش بتسوون..


كان الرجل مهاجرا منذ الصغر و مستقرا في الولايات المتحده منذ

زمن و لا ينوي العوده لأسباب خاصة به..

بقينا تلك الليله في ضيافته و في الصباح ذهب و أحضر من يصلح

سيارتنا و عدنا الى المدينة التي نقيم فيها بسلام..



حياتي قبل تحياتي

دمعة ألم